iSpeech
وصفه الفلاسفة القدامى بالأزلى قِدَمَ الكون نفسه، ورد عليهم المحدثون بأن الزمان
مجرد عداد للمكان قائم به لا بذاته، وقالت حضارة المايا بدائرية حلقاته، وحذر الناس
والعامة من تقلباته ومكر تصاريفه في أمثالهم وثقافاتهم الشعبية على مر العصور، ثم
أتى فيلسوف العلوم ألبيرت إينشتاين ليثبت نظريا في نسبيته الأشهر بأن الزمان يتباطأ
عند الأجسام التي تقترب سرعتها من سرعة الضوء لدرجة تكاد معها تدخل مرحلية
الخلود السرمدي حيث "لا زمن"، ثم تبهدل الزمن على عهد الحكومة المغربية التي
تقدم ساعة وتؤخر أخرى لتترك مواطنيها في حيص بيص بين الساعة القديمة ونظيرتها
الجديدة...
فهل الزمن مجرد تعاقب خطي لمرور الوقت أم أن أغواره أعمق وأبعد من ذلك!؟
الحقيقة أن مفهوم الزمن في اللاشعور أو اللاوعي الجمعي لبني البشر يتضمن تلقائيا
دينامية التعاطي مع المحسوسات من أماكن وشخوص وأحداث تتعاقب على مر وحدات
الزمن المختلفة من صغيرها إلى الأكبر، ولو أن التقسيم الذهني المريح للعقل يضرب
الذكر صفحا عن أجزاء الزمن متناهية الصغر انطلاقا من زمن بلانك إلى النانو والفيمثو
واليوكتو ثانية فما دون ذلك!!
أما السادة العارفون فقد قالوا بأن الزمن هو الانتقال من مقام إلى مقام ما دامت الدنيا
لا ترسو على حال؛ فالزمن دوار والأيام دول من سرته اليوم ساءته غدا، وما دمت حيا
ترزق، فستتقلب أحوالك بين مقامات الفرح والحزن والإيمان والشقاء والكسوة والعراء
وهلم جرا من متناقضات الدهر إلى أن ينتهي هذا الكدح بالمصير الدنيوي المحتوم، فما
أفصح ذلك الشخص الذي يسألك "كيف داير" لأنه إنما هو في حقيقة الأمر يستفسر
منك عن مقامك الحالي في دورة الزمكان أكثر من سؤاله عن حالك البائس!!
وهو ربما ما أدركه أجدادنا بفطرتهم النقية وتدينهم الفطري العميق، فيما عجزت
تكنولوجيا اليوم بكل ما أوتيت ماكينات الصناعة من قوة ودقة، من أن تصنع بشرا أفضل.
نور السلام بريس/ بقلم: مراد الناصري